الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا لاَ صَدَاقَ لَهَا غَيْرُهُ: فَهُوَ صَدَاقٌ صَحِيحٌ، وَنِكَاحٌ صَحِيحٌ، وَسُنَّةٌ فَاضِلَةٌ. فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهِيَ حُرَّةٌ، وَلاَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، فَلَوْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بَطَلَ عِتْقُهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ كَمَا كَانَتْ. وَفِي هَذَا خِلاَفٌ مُتَأَخِّرٌ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَاللَّيْثُ: لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِتْقُ الأَمَةِ صَدَاقَهَا. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ، وَمَالِكٌ: إنْ فَعَلَ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَهِيَ حُرَّةٌ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا إنْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ: فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ: تَسْعَى لَهُ فِي قِيمَتِهَا. وقال مالك، وَزُفَرُ: لاَ شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا. قَالَ عَلِيٌّ: الْبُرْهَانُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا وَبُطْلاَنُ قَوْلِ هَؤُلاَءِ: الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ الثَّابِتُ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى كَثِيرَةٍ: مِنْهَا: مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثنا قُتَيْبَةُ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ ثَابِتٌ، وَقَتَادَةُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا قَالَ قَتَادَةُ فِي رِوَايَتِهِ: ثُمَّ جَعَلَ. قال أبو محمد: فَاعْتَرَضَ مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ بِأَنْ قَالَ: لاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ، فَهَذَا لاَ يَجُوزُ بِلاَ خِلاَفٍ، أَوْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهَا فَهَذَا نِكَاحٌ بِلاَ صَدَاقٍ. قال علي: هذا أَحْمَقُ كَلاَمٍ سُمِعَ لِوُجُوهٍ: أَوَّلُهَا أَنَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا انْسِلاَخٌ مِنْ الإِسْلاَمِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ اعْتِرَاضٌ مُمَوَّهٌ سَاقِطٌ، لأََنَّنَا نَقُولُ لَهُمْ: مَا تَزَوَّجَهَا إِلاَّ وَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ صِحَّةِ الْعِتْقِ لَهَا، وَذَلِكَ الْعِتْقُ الَّذِي صَحَّ لَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِهِ وَهُوَ صَدَاقُهَا، قَدْ أَتَاهَا إيَّاهُ، وَاسْتَوْفَتْهُ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ أَعْطَى امْرَأَةً دَرَاهِمَ ثُمَّ خَطَبَهَا فَتَزَوَّجَهَا عَلَى تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لَهُ عِنْدَهَا، وَهُمْ لاَ يُنْكِرُونَ هَذَا. وَالثَّالِثُ أَنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوا أَنْفُسَهُمْ هَذَا السُّؤَالَ فِي أَقْوَالِهِمْ الْفَاسِدَةِ لاََصَابُوا مِثْلُ تَوْرِيثِهِمْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلاَثًا فِي الْمَرَضِ فَنَقُولُ لَهُمْ: لاَ يَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونُوا وَرَّثْتُمُوهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ، أَوْ وَهِيَ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ لَهُ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى قَسَمٍ ثَالِثٍ: فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ فَقَدْ كَانَ تَلَذُّذُهُ بِمُبَاشَرَتِهَا، وَنَظَرُهُ إلَى فَرْجِهَا حَلاَلٌ لَهُ مَا دَامَ يَجْرِي فِيهِ الرُّوحُ، وَأَنْتُمْ تُحَرِّمُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَتْلاً قَطْعًا. وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ زَوْجًا لَهُ، وَلاَ أُمًّا لَهُ، وَلاَ بِنْتًا لَهُ، وَلاَ جَدَّةً لَهُ، وَلاَ بِنْتَ ابْنٍ لَهُ، وَلاَ أُخْتًا، وَلاَ مُعْتَقَةً، وَلاَ ذَاتَ رَحِمٍ، فَهَذَا عَيْنُ الظُّلْمِ، وَإِعْطَاءُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ. فَإِنْ ادَّعَوْا اتِّبَاعَ الصَّحَابَةِ. قلنا: نَحْنُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، وَبِوُضُوحِ الْعُذْرِ، وَبِتَرْكِ الأَعْتِرَاضِ عَلَيْنَا، إذْ إنَّمَا اتَّبَعْنَا هَاهُنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةَ أَيْضًا، وَالتَّابِعِينَ زِيَادَةً، فَكَيْفَ وَقَدْ كَذَبْتُمْ فِي دَعَوَاكُمْ اتِّبَاعَ الصَّحَابَةِ فِي تَوْرِيثِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا فِي الْمَرَضِ، عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِهِ وَأَقْرَبُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْ عُمَرَ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمْ يُعِدَّهُ طَلاَقًا، وَفِي قَوْلِهِمْ فِي وَلَدِ الْمُسْتَحَقَّةِ: إنَّهُمْ أَحْرَارٌ وَعَلَى أَبِيهِمْ قِيمَتُهُمْ فَنَقُولُ لَهُمْ: لاَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا أَوْ عَبِيدًا، فَإِنْ كَانُوا أَحْرَارًا فَثَمَنُ الْحُرِّ حَرَامٌ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَإِنْ كَانُوا عَبِيدًا فَبَيْعُ الْعَبِيدِ مِنْ غَيْرِ رِضَا سَيِّدِهِمْ حَرَامٌ إِلاَّ بِنَصٍّ وَمِثْلُ هَذَا لَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا. وقال بعضهم: الْعِتْقُ لَيْسَ مَالاً، فَهُوَ كَالطَّلاَقِ فِي أَنَّ الْعِتْقَ يَبْطُلُ بِهِ الرِّقُّ فَقَطْ، وَالطَّلاَقُ يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ فَقَطْ، فَلَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ طَلاَقُهَا مَهْرًا لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْعِتْقُ. قال أبو محمد: وَهَذَا قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالسَّخَافَةِ، لأََنَّهُ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ، لأََنَّ قِيَاسَ أَصْلٍ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ لاَ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ، وَلاَ شَبَهَ بَيْنَ الطَّلاَقِ وَالْعِتْقِ، لأََنَّ الْعِتْقَ يُبْطِلُ الرِّقَّ كَمَا قَالُوا، وَأَمَّا الطَّلاَقُ فَقَدْ كَذَبُوا فِي قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُبْطِلُ النِّكَاحَ، بَلْ لِلْمُطَلِّقِ الَّذِي وَطِئَهَا دُونَ الثَّلاَثِ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْطُلْ نِكَاحُهُ، بِخِلاَفِ الْعِتْقِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ لَهُ ارْتِجَاعُهُ فِي الرِّقِّ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْعِتْقَ إخْرَاجٌ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَيْسَ الطَّلاَقُ كَذَلِكَ فَبَطَلَ تَمْوِيهُهُمْ الْبَارِدُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وقال بعضهم: هَذَا خَاصٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال أبو محمد: هَذَا كَذِبٌ، وَمُخَالَفَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وقال بعضهم: قَدْ رَوَيْتُمْ فِي ذَلِكَ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْكُمْ دَاوُد بْنُ بَابْشَاذَ قَالَ :، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَ، هُوَ ابْنُ كَاسِبٍ قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبَ إلَيَّ نَافِعٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ جُوَيْرِيَةَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ قَالُوا: وَابْنُ عُمَرَ لاَ يَرَى ذَلِكَ، فَمُحَالٌ أَنْ يَتْرُكَ مَا رَوَى إِلاَّ لِفَضْلِ عِلْمٍ عِنْدَهُ، بِخِلاَفِ ذَلِكَ. قال أبو محمد: لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرُوهُ: مِنْ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَرَ ذَلِكَ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ، لأََنَّ الْحُجَّةَ الَّتِي أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وَبِاتِّبَاعِهَا، إنَّمَا هِيَ مَا رَوَوْهُ لَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ مَا رَوَاهُ مَنْ رَآهُ مِنْهُمْ بِرَأْيٍ اجْتَهَدَ فِيهِ وَأَصَابَ: إنْ وَافَقَ النَّصَّ فَلَهُ أَجْرَانِ، أَوْ أَخْطَأَ إنْ خَالَفَ النَّصَّ غَيْرَ قَاصِدٍ إلَى خِلاَفِهِ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ. وَقَدْ أَفْرَدْنَا فِي كِتَابِنَا الْمَوْسُومِ بِ " الْإِعْرَابُ فِي كَشْفِ الأَلْتِبَاسِ " بَابًا ضَخْمًا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ فِيمَا تَنَاقَضُوا فِيهِ فِي هَذَا الْمَكَانِ، فَأَخَذُوا بِرِوَايَةِ الصَّاحِبِ وَخَالَفُوا رَأْيَهُ الَّذِي خَالَفَ بِهِ مَا رَوَى. وَاَلَّذِي نَعْرِفُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَهُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَجَرِيرٌ كِلاَهُمَا عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: " إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا كَالرَّاكِبِ بَدَنَتَهُ " قَالَ إبْرَاهِيمُ: وَكَانَ أَعْجَبُ ذَلِكَ إلَى أَصْحَابِنَا أَنْ يَجْعَلُوا عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَإِنَّمَا كَرِهَ ابْنُ عُمَرَ زَوَاجَ الْمَرْءِ مَنْ أَعْتَقَهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَطْ. فَبَطَلَ كَيْدُهُمْ الضَّعِيفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قال أبو محمد: وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَتَبَ بِهِ إلَى دَاوُد بْنِ بَابْشَاذَ قَالَ: نَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا. ثُمَّ قَالَ: فَقَدْ رَوَى هَذَا ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذَكَرْنَا. ثُمَّ قَالَ: هُوَ مِنْ بَعْدِهِ عليه الصلاة والسلام فِي مِثْلِ هَذَا: إنَّهُ يُجَدِّدُ لَهَا صَدَاقًا :، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، هُوَ ابْنُ نَاصِحٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ. قال أبو محمد: هَذَا نَصُّ كَلاَمِ الطَّحَاوِيَّ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَلاَمَ ابْنِ عُمَرَ كَيْفَ كَانَ، وَلَعَلَّهُ لَوْ أَوْرَدَهُ لَكَانَ خِلاَفًا لِظَنِّ الطَّحَاوِيَّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ مِمَّا رَوَاهُ أَصْحَابُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الثِّقَاتُ عَنْهُ، وَالْخَصِيبُ لاَ يُدْرِي حَالُهُ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ فِي أَصْحَابِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، فَهُوَ أَمْرٌ ضَعِيفٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وَالْخَبَرُ الأَوَّلُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ لاَ مِنْ جُوَيْرِيَةَ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ حُمَيْدٍ بْنِ كَاسِبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَذَكَرُوا أَيْضًا: الْخَبَرَ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهَا وَقَعَتْ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ أَوْ ابْنِ عَمٍّ لَهُ، وَإِنَّهَا كَاتَبَتْهُ وَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا، وَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ لَهَا: أَوْ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، أَقْضِي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ قَالُوا: وَلَيْسَ هَذَا لأََحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَةَ مُكَاتَبَةٍ لِغَيْرِهِ وَيَتَزَوَّجَهَا بِذَلِكَ. قال أبو محمد: قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ فَإِنَّ هَذَا خَبَرٌ لاَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، إنَّمَا رُوِّينَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ مِنْ طَرِيقَيْنِ ضَعِيفَيْنِ: أَحَدُهُمَا مِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيِّ. وَالآخَرُ مِنْ طَرِيقِ أَسَدِ بْنِ مُوسَى، وَكِلاَهُمَا ضَعِيفٌ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ لاَ يَخْلُو أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ وَهَبَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ عَرَفَ رَغْبَتَهُ عليه الصلاة والسلام فِيهَا، وَلَمْ تَكُنْ أَدَّتْ مِنْ كِتَابَتِهَا بَعْدُ شَيْئًا، فَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَصَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِثَابِتٍ أَوْ بِصَاحِبٍ غَيْرِ هَذَا أَصْلاً. وَأَيْضًا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَتَمَادَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا حَتَّى عَتَقَتْ بِأَدَائِهَا أَوْ بِأَدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهَا عَنْهَا لَكَانَتْ مَوْلاَةَ ثَابِتٍ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَطْعًا، وَلاَ اخْتَلَفَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْلاَةَ ثَابِتٍ أَصْلاً فَوَضَحَ سُقُوطُ مَا رَوَاهُ أَسَدٌ، وَزِيَادٌ، وَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الْمُلَفَّقَاتِ الَّتِي لاَ تُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا. وَمَوَّهُوا أَيْضًا: بِمَا حَدَّثَنَا حمام بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيُّمَا امْرِئٍ أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ جَدِيدٍ فَلَهُ أَجْرَانِ. فَهَذَا لَفْظُ سُوءٍ انْفَرَدَ بِهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْخَبَرُ مَشْهُورٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ لَيْسَ فِيهِ بِمَهْرٍ جَدِيدٍ أَصْلاً. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ أَصْلاً، لأََنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا إِلاَّ بِمَهْرٍ جَدِيدٍ، وَنَحْنُ لاَ نَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ لَهَا مَهْرًا آخَرَ، بَلْ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وهذا الخبر رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ: مِنْهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ اثْنَانِ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، هُوَ ابْنُ طَرِيفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الَّذِي يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَلَهُ أَجْرَانِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَهْرٌ جَدِيدٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بِالسَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ إلَى مُسْلِمٍ قَالَ :، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: رَأَيْت رَجُلاً مِنْ خُرَاسَانَ يَسْأَلُ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو إنَّ مَنْ قَبْلَنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ إذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا: فَهُوَ كَالرَّاكِبِ بَدَنَتَهُ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ هُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ هُوَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلاَثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَ بِهِ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحَقَّ سَيِّدِهِ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَغَذَّاهَا فَأَحْسَنَ غِذَاءَهَا ثُمَّ أَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ ثُمَّ قَالَ الشَّعْبِيُّ لِلْخُرَاسَانِيِّ: خُذْ هَذَا الْخَبَرَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَ هَذَا إلَى الْمَدِينَةِ قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانُ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ :، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، كُلُّهُمْ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ. قال أبو محمد: هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ، إنَّمَا هُوَ أَبَاطِيلُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا مِنْ السَّلَفِ طَائِفَةٌ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا قَالَ: " لَهُ أَجْرَانِ " وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ. وَمِنْ طَرِيق سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الأَنْصَارِيِّ، وَالْمُغِيرَةُ وَيُونُسُ، هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ وَجَابِرٌ، قَالَ يَحْيَى: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَقَالَ يُونُسُ: عَنْ الْحَسَنِ، وَقَالَ جَابِرٌ: عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالُوا كُلُّهُمْ: لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، قَالَ هُشَيْمٌ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ " إذَا قَالَ الرَّجُلُ لأََمَتِهِ قَدْ أَعْتَقْتُك وَتَزَوَّجْتُك فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَعْتَقْتُك وَأَتَزَوَّجُك فَأَعْتَقَهَا: إنْ شَاءَتْ تَزَوَّجَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ لَمْ تَتَزَوَّجْهُ ". وَكَانَ الْحَسَنُ يَكْرَهُ غَيْرَ هَذَا: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُعْتِقَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا. قال أبو محمد: وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُعْتِقَ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا، وَلاَ يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس قَالَ يَحْيَى: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَالَ ابْنُ طَاوُوس: عَنْ أَبِيهِ، قَالاَ جَمِيعًا: لاَ بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، قَالَ طَاوُوس: ذَلِكَ حَسَنٌ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُعْتِقَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَيَتَزَوَّجُهَا وَيَجْعَلُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. وبه إلى مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ وَجَعَلَ عِتْقَهَا مَهْرَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلاَ شَيْءَ لَهَا، وَابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ: إنْ طَلَّقَهَا سَعَتْ لَهُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ. قال أبو محمد: فَهَؤُلاَءِ: عَلِيٌّ، وَأَنَسٌ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمَنْ لَقِيَهُ إبْرَاهِيمُ مِنْ شُيُوخِهِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وطَاوُوس، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابَهُ وَوَفَّقَ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَمَا نَعْلَمْ لِلْمُخَالِفِينَ، سَلَفًا إِلاَّ تِلْكَ الرِّوَايَةُ السَّاقِطَةُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ الَّتِي لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا كَيْفَ كَانَ لَفْظُهُ، وَلاَ كَيْفَ كَانَ لَفْظُ نَافِعٍ الَّذِي ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَشَيْئًا رُبَّمَا ذَكَرُوهُ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ :، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجْعَلَ مَعَ عِتْقِهَا شَيْئًا مَا كَانَ قال أبو محمد: إنَّمَا هَذَا اسْتِحْبَابٌ مِنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَإِلَّا فَهَذَا الْقَوْلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلاَ شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا، لأََنَّ الَّذِي فَرَضَ لَهَا هُوَ عِتْقُهَا وَهُوَ شَيْءٌ قَدْ تَمَّ فَلاَ يُسْتَدْرَكُ وَتَكْلِيفُ الْغَرَامَةِ هُوَ إيجَابُ غَيْرِ نِصْفِ مَا فَرَضَ لَهَا فَلاَ يَجُوزُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْهُ فَإِنْ عَتَقَ لَمْ يَتِمَّ؛ إنَّمَا هُوَ عِتْقٌ بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَيَكُونُ صَدَاقُهَا، فَإِذَا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ فَلاَ صَدَاقَ لِنِكَاحٍ لَمْ يَتِمَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَتْهُ فَقَدْ تَمَّ النِّكَاحُ، وَصَحَّ الْعِتْقُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُجْبَرَ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ تَتَجَهَّزَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ أَصْلاً، لاَ مِنْ صَدَاقِهَا الَّذِي أَصْدَقَهَا، وَلاَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ مَالِهَا، وَالصَّدَاقُ كُلُّهُ لَهَا تَفْعَلُ فِيهِ كُلِّهِ مَا شَاءَتْ، لاَ إذْنَ لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ، وَلاَ اعْتِرَاضَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وقال مالك: إنْ أَصْدَقَهَا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أُجْبِرَتْ عَلَى أَنْ تَبْتَاعَ بِكُلِّ ذَلِكَ شُورَةً مِنْ ثِيَابٍ وَوِطَاءٍ وَحُلِيٍّ تَتَجَمَّلُ بِهِ لَهُ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ تَقْضِيَ مِنْهَا دَيْنًا عَلَيْهَا إِلاَّ ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ فَأَقَلَّ، فَإِنْ أَصْدَقَهَا نِقَارَ ذَهَبٍ أَوْ نِقَارَ فِضَّةٍ فَهُوَ لَهَا، وَلاَ تُجْبَرُ عَلَى أَنْ تَبْتَاعَ بِهَا شُورَةً أَصْلاً. فَإِنْ أَصْدَقَهَا حُلِيًّا أُجْبِرَتْ أَنْ تَتَحَلَّى بِهِ لَهُ، فَإِنْ أَصْدَقَهَا ثِيَابًا وَوِطَاءً أُجْبِرَتْ عَلَى أَنْ تَلْبَسَهَا بِحَضْرَتِهِ، وَلَمْ تَجِبْ لَهَا عَلَيْهِ كِسْوَةٌ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةٌ تَخْلَقُ فِيهَا تِلْكَ الثِّيَابُ. فَإِنْ أَصْدَقَهَا خَادِمًا أُنْثَى أُجْبِرَتْ عَلَى أَنْ تَخْدُمَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا بَيْعُهَا. وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا فَلَهَا أَنْ تَفْعَلَ فِيهِ مَا شَاءَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَلَوْ أَصْدَقَهَا دَابَّةً، أَوْ مَاشِيَةً، أَوْ ضَيْعَةً، أَوْ دَارًا، أَوْ طَعَامًا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ فِي كُلِّ ذَلِكَ رَأْيٌ، وَهُوَ لَهَا تَفْعَلُ فِيهِ مَا شَاءَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ إِلاَّ بِإِذْنِهَا إنْ شَاءَتْ. قال أبو محمد: قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا يَكْفِي مِنْ فَسَادِهِ عَظِيمُ تَنَاقُضِهِ، وَفَرَّقَهُ بَيْنَ مَا فَرَّقَ مِنْ ذَلِكَ بِلاَ برهان مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ، وَلاَ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلاَ قَوْلِ أَحَدٍ نَعْلَمُهُ قَبْلَهُ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ. وَأَطْرَفُ شَيْءٍ إبَاحَتُهُ لَهَا قَضَاءَ الثَّلاَثَةِ دَنَانِيرَ وَالدِّينَارَيْنِ فِي دَيْنِهَا فَقَطْ، لاَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَيْتَ شِعْرِي إنْ كَانَ صَدَاقُهَا أَلْفَيْ دِينَارٍ، أَوْ كَانَ صَدَاقُهَا دِينَارًا وَاحِدًا كَيْفَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ إنَّ هَذَا الْعَجَبُ قال أبو محمد: وبرهان صِحَّةِ قَوْلِنَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: فَقُلْنَا: صَدَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلاَ يَحِلُّ تَحْرِيفُ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلاَ أَنْ نَقُولَ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا لَمْ يَقُلْ، فَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ. وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الآيَةِ ذِكْرٌ لِقِيَامِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا، وَلاَ لِلْحُكْمِ بِرَأْيِهِ، وَلاَ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ. وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهُ قَائِمٌ عَلَيْهَا يُسْكِنُهَا حَيْثُ يَسْكُنُ وَيَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ، وَيُرَحِّلُهَا حَيْثُ يَرْحَلُ. ثُمَّ لَوْ كَانَ فِي الآيَةِ لِمَا ادَّعَيْتُمْ لَكُنْتُمْ أَوَّلَ مُخَالِفِينَ لَهَا، لأََنَّكُمْ خَصَّصْتُمْ بَعْضَ الصَّدَقَاتِ دُونَ بَعْضٍ، وَدُونَ سَائِرِ مَالِهَا، كُلُّ ذَلِكَ تَحَكُّمٌ بِالْبَاطِلِ بِلاَ برهان. وَشَغَبُوا أَيْضًا بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأََرْبَعٍ: لِحُسْنِهَا، وَمَالِهَا، وَجَمَالِهَا، وَدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ. وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا لاَ نَظِيرَ لَهُ: أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ أَنْ تُنْكَحَ لِمَالِهَا، وَلاَ نَدَبَ إلَى ذَلِكَ، وَلاَ صَوَّبَهُ، بَلْ إنَّمَا أَوْرَدَ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ فِعْلِ النَّاسِ فَقَطْ، وَهَذِهِ أَفْعَالُ الطَّمَّاعِينَ الْمَذْمُومِ فِعْلُهُمْ فِي ذَلِكَ بَلْ فِي الْخَبَرِ نَفْسِهِ الْإِنْكَارُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ فَلَمْ يَأْمُرْ بِأَنْ تُنْكَحَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ لِلدِّينِ خَاصَّةً، لَكِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ تَنْكِحَ الْمَرْأَةُ الزَّوْجَ لِمَالِهِ، لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ لَهَا الصَّدَاقَ عَلَيْهِ وَالنَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ. وَقَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ لِمَالِهَا: كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ نَا ابْنُ مُفَرِّجٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيِّ، حَدَّثَنَا الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَنْكِحُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ فَلَعَلَّ حُسْنَهُنَّ يُرْدِيهِنَّ، وَلاَ تَنْكِحُوهُنَّ لأََمْوَالِهِنَّ فَلَعَلَّ أَمْوَالَهُنَّ يُطْغِيهِنَّ، وَأَنْكِحُوهُنَّ لِلدِّينِ، وَلاََمَةٌ سَوْدَاءُ خَرْمَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ. ثُمَّ إنَّهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفِينَ لِمَا مَوَّهُوا بِهِ؛ لأََنَّهُ لَيْسَ فِي نِكَاحِ الْمَرْأَةِ لِمَالِهَا لَوْ أُبِيحَ ذَلِكَ أَوْ نُدِبَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَتَوْا بِهِ مِنْ التَّخْلِيطِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ صَدَاقِ فِضَّةٍ مَضْرُوبَةٍ، وَذَهَبٍ مَضْرُوبٍ، وَبَيْنَ سَبَائِكِ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ غَيْرِ مَضْرُوبَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ إصْدَاقِ ثِيَابٍ، وَوِطَاءٍ، وَجَوْهَرٍ، وَخَادِمٍ، وَبَيْنَ إصْدَاقِ حَرِيرٍ، وَقُطْنٍ، وَكَتَّانٍ، وَصُوفٍ، وَدَابَّةٍ، وَمَاشِيَةٍ، وَعَبْدٍ، وَطَعَامٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ ثَلاَثَةِ دَنَانِيرَ مِنْ دَيْنِهَا فَأَقَلَّ، وَبَيْنَ قَضَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَوَضَحَ عَظِيمُ فَسَادِ تَخْلِيطِ هَذِهِ الأَقْوَالِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَرُبَّمَا يُمَوِّهُونَ بِمَا نَذْكُرُهُ مِمَّا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ جَلاَلِ بْنِ أَبِي الْجَلاَلِ الْعَتَكِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً خَطَبَ إلَى رَجُلٍ ابْنَتَهُ مِنْ امْرَأَةٍ عَرَبِيَّةٍ فَأَنْكَحَهَا إيَّاهُ فَبَعَثَ إلَيْهِ بِابْنَةٍ لَهُ أُخْرَى أُمُّهَا أَعْجَمِيَّةٌ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتَى مُعَاوِيَةَ فَقَصَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: مُعْضِلَةٌ، وَلاَ أَبَا حَسَنٍ وَكَانَ عَلِيٌّ حَرْبًا لِمُعَاوِيَةَ فَقَالَ الرَّجُلُ لِمُعَاوِيَةَ فَأْذَنْ لِي أَنْ آتِيَهُ فَأَذِنَ لَهُ مُعَاوِيَةُ، فَأَتَى الرَّجُلُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْك يَا عَلِيٌّ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَضَى عَلِيٌّ عَلَى أَبِي الْجَارِيَةِ بِأَنْ يُجَهِّزَ ابْنَتَهُ الَّتِي أَنْكَحَهَا إيَّاهُ بِمِثْلِ الصَّدَاقِ الَّذِي سَاقَ مِنْهَا لأَُخْتِهَا بِمَا أَصَابَ مِنْ فَرْجِهَا، وَأَمَرَهُ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَتَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا. قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ: وَأَخْبَرَنِي هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ رَجُلاً تَزَوَّجَ جَارِيَةً فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا فَقَالَ إبْرَاهِيمُ: لِلَّتِي دَخَلَ بِهَا الصَّدَاقُ الَّذِي سَاقَ، وَعَلَى الَّذِي غَرَّهُ أَنْ يَزِفَّ إلَيْهِ امْرَأَتَهُ بِمِثْلِ صَدَاقِهَا. قال أبو محمد: هَذَا كُلُّهُ عَلَيْهِمْ لاَ لَهُمْ، لأََنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ أَنَّ لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ حَقًّا، وَلاَ أَرَبًا، إنَّمَا فِيهِمَا أَنْ يَضْمَنَ لِلَّتِي زُوِّجَتْ مِنْهُ وَزُفَّ إلَيْهِ غَيْرُهَا صَدَاقَهَا الَّذِي اسْتَهْلَكَ لَهَا وَأُعْطِيَ لِغَيْرِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَهَكَذَا نَقُولُ. ثُمَّ هُمْ يُخَالِفُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عَلِيٍّ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ لِلَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ الصَّدَاقَ الَّذِي سُمِّيَ لأَُخْتِهَا، وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا، بَلْ إنَّمَا يَقْضُونَ لَهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا. وَالْمَوْضُوعُ الثَّانِي أَمْرُ عَلِيٍّ لَهُ أَنْ لاَ يَطَأَ الَّتِي صَحَّ نِكَاحُهُ مَعَهَا إِلاَّ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأُخْرَى الَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ، وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا. فَمِنْ الْمَقْتِ وَالْعَارِ وَالْإِثْمِ تَمْوِيهُ مَنْ يُوهِمُ أَنَّهُ يَحْتَجُّ بِأَثَرٍ هُوَ أَوَّلُ مَنْ يُخَالِفُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ هَذَا مَعَ أَنَّ الْجَلاَلَ بْنَ أَبِي الْجَلاَلِ غَيْرُ مَشْهُورٍ. وَبِمَا أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ نَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ خِطْبَةَ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ رضي الله عنهما، وَأَنَّ عَلِيًّا بَاعَ دِرْعَهُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ قَالَ: فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهَا فِي حِجْرِهِ فَقَبَضَ مِنْهَا قَبْضَةً فَقَالَ: يَا بِلاَلٌ أَبْغِنَا بِهَا طِيبًا، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُجَهِّزُوهَا قَالَ: فَجُعِلَ لَنَا سَرِيرٌ مَشْرُوطٌ بِالشَّرْطِ وَوِسَادَةٌ مِنْ أُدْمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ وَمِلْءُ الْبَيْتِ كَثِيبًا. قال أبو محمد: وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، لأََنَّهُ لاَ تَبْلُغُ قَبْضَةٌ فِي طِيبٍ، وَسَرِيرٌ مَشْرُوطٌ بِالشَّرِيطِ، وَوِسَادَةٌ مِنْ أُدْمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ: عُشْرَ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَعَلَى الزَّوْجِ كِسْوَةُ الزَّوْجَةِ مُذْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ وَنَفَقَتُهَا، وَمَا تَتَوَطَّاهُ وَتَتَغَطَّاهُ وَتَفْتَرِشُهُ، وَإِسْكَانُهَا كَذَلِكَ أَيْضًا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً ذَاتَ أَبٍ أَوْ يَتِيمَةً غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً دُعِيَ إلَى الْبِنَاءِ أَوْ لَمْ يُدْعَ نَشَزَتْ أَوْ لَمْ تَنْشِزْ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً بُوِّئَتْ مَعَهُ بَيْتًا أَوْ لَمْ تُبَوَّأْ. برهان ذَلِكَ: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو قَزَعَةَ الْبَاهِلِيُّ " عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ قَالَ: أَنْ تُطْعِمَهَا إذَا طَعِمْتُ وَتَكْسُوَهَا إذَا اكْتَسَيْتُ، وَلاَ تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلاَ تُقَبِّحْ، وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ. قال أبو محمد: أَبُو قَزَعَةَ هَذَا هُوَ سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ ثِقَةٌ، رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَابْنُهُ قَزَعَةُ، وَغَيْرُهُمْ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ فِي عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. فَعَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ النِّسَاءِ وَلَمْ يَخُصَّ نَاشِزًا مِنْ غَيْرِهَا، وَلاَ صَغِيرَةً، وَلاَ كَبِيرَةً، وَلاَ أَمَةً مُبَوَّأَةً بَيْتًا مِنْ غَيْرِهَا وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ: أَنْ اُنْظُرُوا إلَى مَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَنْ يَبْعَثُوا بِنَفَقَةٍ أَوْ يَرْجِعُوا وَذَكَرَ بَاقِي الْخَبَرِ، فَلَمْ يَسْتَثْنِ عُمَرُ امْرَأَةً مِنْ امْرَأَةٍ :، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ عَنْ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَاضِبَةً هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ قَالَ: نَعَمْ. قال أبو محمد: وَرُوِّينَا عَنْ نَحْوِ خَمْسَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ: لاَ نَفَقَةَ لِنَاشِزٍ وَهَذَا قَوْلٌ خَطَأٌ مَا نَعْلَمُ لِقَائِلِهِ حُجَّةً. فإن قيل: إنَّ النَّفَقَةَ بِإِزَاءِ الْجِمَاعِ، وَالطَّاعَةِ قلنا: لاَ، بَلْ هَذَا الْقَوْلُ كَذِبٌ، وَأَوَّلُ مَنْ يُبْطِلُهُ أَنْتُمْ، أَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ فَيُوجِبُونَ النَّفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرَةِ، وَلاَ جِمَاعَ هُنَالِكَ، وَلاَ طَاعَةَ. وَالْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ: يُوجِبُونَ النَّفَقَةَ عَلَى " الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ "، وَلاَ خِلاَفَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمَرِيضَةِ الَّتِي لاَ يُمْكِنُ جِمَاعُهَا، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا عَلَى النَّاشِزِ فَقَالَ: فَإِنْ قَالُوا: إنَّهَا ظَالِمَةٌ بِنُشُوزِهَا. قلنا: نَعَمْ، وَلَيْسَ كُلُّ ظَالِمٍ يَحِلُّ مَنْعُهُ مِنْ مَالِهِ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ نَصٌّ، وَإِلَّا فَلَيْسَ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ؛ هَذَا حُكْمُ الشَّيْطَانِ، وَظُلْمَةُ الْعُمَّالِ وَالشَّرْطِ. وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّهُمْ لاَ يُسْقِطُونَ قَرْضًا أَقْرَضَتْهُ إيَّاهُ مِنْ أَجْلِ نُشُوزِهَا فَمَا ذَنْبُ نَفَقَتِهَا تَسْقُطُ دُونَ سَائِرِ حُقُوقِهَا إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ عَجِيبٌ وَقَالَ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الصَّغِيرَةِ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا. وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ أَسْقَطَهَا حُجَّةً أَصْلاً، فَهُوَ بَاطِلٌ بِلاَ شَكٍّ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وقال مالك: لاَ نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ إِلاَّ حَتَّى يُدْعَى إلَى الْبِنَاءِ. قال أبو محمد: هَذَا الْحُكْمُ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ لاَ برهان عَلَى صِحَّتِهَا، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ صَحِيحٍ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ جَاءَتْ بِخِلاَفِهِ فَهُوَ سَاقِطٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَلاَ يَحِلُّ لأََبِ الْبِكْرِ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً أَوْ الثَّيِّبِ، وَلاَ لِغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْقَرَابَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ: حُكْمٌ فِي شَيْءٍ مِنْ صَدَاقِ الأَبْنَةِ، أَوْ الْقَرِيبَةِ، وَلاَ لأََحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا أَنْ يَهَبَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِنْهُ، لاَ لِلزَّوْجِ طَلَّقَ أَوْ أَمْسَكَ، وَلاَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ فَعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَفْسُوخٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ أَبَدًا. وَلَهَا أَنْ تَهَبَ صَدَاقَهَا أَوْ بَعْضَهُ لِمَنْ شَاءَتْ، وَلاَ اعْتِرَاضَ لأََبٍ، وَلاَ لِزَوْجٍ فِي ذَلِكَ هَذَا إذْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً بَقِيَ لَهَا بَعْدَهُ غِنًى وَإِلَّا فَلاَ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْت عِيسَى بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ: سَمِعْت شُرَيْحًا يَقُولُ: سَأَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَنْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فَقُلْت: هُوَ الْوَلِيُّ، فَقَالَ عَلِيٌّ: بَلْ هُوَ الزَّوْجُ. مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الزَّوْجُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ: أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا فَأَكْمَلَ لَهَا الصَّدَاقَ وَتَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ يَعْنِي الزَّوْجَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: هُوَ الزَّوْجُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَيْسُونَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُزَيْقٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَتَادَةَ، وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ قَتَادَةُ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالاَ جَمِيعًا: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٌ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وطَاوُوس، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ: هُوَ الْوَلِيُّ، قَالَ: فَأَخْبَرْتهمْ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ إيَاسِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ. وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى غَفْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ. وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ. وَمِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجُ. وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ نَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: هُوَ الزَّوْجُ وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ الْوَلِيُّ [ جُمْلَةً ] صَحَّ ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ إنْ عَفَا وَلِيُّهَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَضَنَّتْ جَازَ، وَإِنْ أَبَتْ. وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ كَانَ يَقُولُ: أَوْ يَعْفُوَ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا إنْ كَانَ وُصُولاً وَإِنْ كَرِهَتْ الْمَرْأَةُ. وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلاً لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ وَلِيُّ الْبِكْرِ جُمْلَةً وَصَحَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ الأَبُ جُمْلَةً. وَقَوْلٌ خَامِسٌ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ السَّيِّدُ يَعْفُو عَنْ صَدَاقِ أَمَتِهِ، وَالأَبُ خَاصَّةً فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ خَاصَّةً: يَجُوزُ عَقْدُهُ عَنْ صَدَاقِهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قال أبو محمد: فَنَظَرْنَا فِي هَذِهِ الأَقْوَالِ: فَوَجَدْنَا قَوْلَ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَمَالِكٍ أَظْهَرَهَا فَسَادًا وَأَبْعَدَهَا عَنْ مُقْتَضَى الآيَةِ جُمْلَةً وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: فإن قيل: هَذَانِ لاَ يَصِحُّ نِكَاحُ الأَمَةِ وَالْبِكْرِ إِلاَّ بِعَقْدِهِمَا. قلنا: نَعَمْ، وَلاَ يَصِحُّ أَيْضًا إِلاَّ بِرِضَا الزَّوْجِ وَإِلَّا فَلاَ، فَلَهُ فِي ذَلِكَ كَاَلَّذِي لِلسَّيِّدِ، وَلِلأَبِ سَوَاءً سَوَاءً، فَمَنْ جَعَلَهُمَا أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ بِأَيْدِيهِمَا عُقْدَةُ النِّكَاحِ مِنْ الزَّوْجِ مَعَ تَخْصِيصِ الآيَةِ بِلاَ برهان مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلاَ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ ;، وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ جُمْلَةً وَسَقَطَ بِسُقُوطِهِ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ: إنَّهُ الأَبُ أَيْضًا جُمْلَةً وَكَذَلِكَ سَقَطَ أَيْضًا الْقَوْلُ الَّذِي صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ وَلِيُّ الْبِكْرِ جُمْلَةً. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ الْوَلِيُّ: فَوَجَدْنَا الأَوْلِيَاءَ قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَبِ الْبِكْرِ، وَسَيِّدِ الأَمَةِ، فَكَانَ حَظُّ هَذَيْنِ فِي كَوْنِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ بِأَيْدِيهِمَا كَحَظِّ الزَّوْجِ فِي كَوْنِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ بِيَدِهِ سَوَاءً سَوَاءً، وَقَدْ يَسْقُطُ حُكْمُ الأَبِ فِي الْبِكْرِ بِأَنْ يَكُونَ كَافِرًا وَهِيَ مُؤْمِنَةٌ أَوْ هُوَ مُؤْمِنٌ وَهِيَ كَافِرَةٌ أَوْ بِأَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا وَيَسْقُطُ أَيْضًا حُكْمُ السَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ بِأَنْ يَكُونَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: سَائِرُ الأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ لاَ يُلْتَفَتُ إلَيْهِمْ، لَكِنْ إنْ أَبَوْا أُخْرِجَ الأَمْرُ عَنْ أَيْدِيهِمْ وَعَقَدَ السُّلْطَانُ نِكَاحَهَا، فَهَؤُلاَءِ حَظُّ الزَّوْجِ فِي كَوْنِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ بِيَدِهِ أَكْمَلُ مِنْ حَظِّ الأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ. فَوَجَدْنَا أَمَدَ الأَوْلِيَاءِ مُضْطَرِبًا كَمَا تَرَى، ثُمَّ إنَّمَا هُوَ الْعَقْدُ فَقَطْ، ثُمَّ لاَ شَيْءَ بِأَيْدِيهِمْ جُمْلَةً مِنْ عُقْدَةِ النِّكَاحِ، بَلْ هِيَ إلَى الزَّوْجِ إنْ شَاءَ أَمْضَاهَا وَإِنْ شَاءَ حَلَّهَا بِالطَّلاَقِ. وَوَجَدْنَا أَمَرَ الزَّوْجِ ثَابِتًا فِي أَنَّ عُقْدَةَ كُلِّ نِكَاحٍ بِيَدِهِ، وَلاَ تَصِحُّ إِلاَّ بِإِرَادَتِهِ بِكُلِّ حَالٍ، وَلاَ تَحِلُّ إِلاَّ بِإِرَادَتِهِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِإِطْلاَقِ هَذِهِ الصِّفَةِ عَلَيْهِ بِلاَ شَكٍّ. ثُمَّ الْبُرْهَانُ الْقَاطِعُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
|